كيف تمضي أجمل يومين في باريس و تجعل برج ايفل يغفو بغرفتك ؟
يسمونها مدينة النور ، و أنا أسميها " المدينة التي لا يمل منها " ففي كل مرة تزورها تستكشف شيئا جديدا ، تمشي في شارع الشانزلزيه للمرة المائة و تشعر أنها المرة الأولى ، يوجد في تلك المدينة العثيقة الجديدة سحر فريد ، و نوع من الألفة .
هذه المرة كانت رحلتي إلى باريس خاطفة و كانت بداعي التأمل و الراحة و التسوق ، لأن زيارة باريس لا تكتمل من دون أن تعرج على المحلات الأنيقة ، و صادفت زيارتي " أسبوع باريس للموضة " فكان هناك رونق إضافي للمدينة .. طوابير طويلة أمام صالاة العرض و المحلات التجارية الحاملة أهم الأسماء الفرنسية و العالمية ، عارضات يافعات بطلات ، كاميرات السياح و المصورين مسلطة عليهن ، كانت الزحمة غير عادية خلال الأسبوع الأهم في روزنامة الأزياء و الاقتصاد في البلاد .
وصلت إلى قصر و فندق " شانغري لا " الباريسي ، و كانت معالم الموضة و رونقها واضحة من المدخل ، الذي أحاطت به زحمة نابضة ، العاملون بلباسهم الآسيوي الرسمي يستقبلونك بالترحاب ، فتشعر فعلا تدخل قصرا ، و الذي بني عام 1896 و كان يملكه الأمير " رولان بونابرت ، و بعد 114 عاما ، تحول اليوم القصر إلى عنوان للإقامة و الأكل و تلاقي أهل باريس في الصالونات التي لا تزال تحمل في طياتها رقي القصور في أجواء مفعمة بالأناقة . لفتني نادل بدا سعيدا بهندامه الذي صمم خصيصا لحفل كان يستضيفه الفندق لدار " لانفين " العالمية ، و أول ما شدني عند دخولي البهو الرئيسي ، رائحة عطر مميزة يدخل فيها العنبر ، سألت عنه فأجابتني نادلة أنه عطر " شانغري لا " الآسيوي الخاص بنا ، و أتت بزجاجة و قالت : " أنها متوفرة للبيع " ، فلم أتردد بشرائها . كان يتفرغ من البهو صالونات منفصلة ، و أماكن للتسامر و كانت الأرضية من الرخام الذي لا زال يحافظ على شكله الاصلي ، بعد كل هته العقود ، و سلالم يزينها الحديد الاسود المحفوف بالذهب ، إذ إن القصر مدرج ضمن لائحة المعالم التاريخية في فرنسا عام 2009 ، و عندما اشترت الشركة المالكة ل " شانغري لا " و مقرها شنغهاي ، عام 2010 ، حولته الى فندق ، ليكون أول فندق تملكه بأوربا ، و نجحت بالمحافضة عليه ، بمعالمه الفرنسية ، مع إضافة بعض اللمسات الصينية ، فأصبح بذلك أول وجهة يقصدها السياح عند قدومهم باريس .
يتميز الفندق بأجنحته و غرفه المطلة على برج ايفل ، فتشعر أثناء رقودك إلى النوم أن هذا الأخير نائم بجوارك ، لأنه قريب من المبنى ، و تراه يبسط شكله الذي يخطف النفوس . و يعتبر الجناح الامبريالي ، الغرفة الوحيدة بالقصر الذي لا تطل على هذه المعلمة الفريدة من أي زاوية ، و هذا بسبب الأمر الذي طلبه الأمير " رولان بونابرت " للمهندسين بتجهيزهم له غرفة لا تطل على برج ايفل الذي وصفه بالقبح ، و هكذا ، أُبدِع له هذا الجناح في الطابق الثاني ، و يطل على شارع " لينا " ، و الذي يحتوي على ديكورات روعة بالجمال ، بأسقفه المزخرفة و مساحته التي تمتد على 3770 قدما مربعة .
جناح " شانغري لا " اغلى بقليل من الجناح الامبريالي ، و يتميز بإطلالته المميزة على برج ايفل و باقي معالم باريس مثل " الساكري كور " و اجمل ما فيه الشرفة الواسعة بأثاثها العصرية ، و الديكورات الداخلية التي دخلت لائحة المعالم التاريخية الفرنسية ، و التي صممها عبقري الديكور " بيار ايف روشون " ، المسؤول عن تجميل عدد كبير من الفنادق الباريسية مثل فندق " برينس دو غال " و " فور سيزونس جورج الخامس " .
- من اسطبل الى بركة سباحة :
في المركز الصحي في الطابق السفلي ، توجد بركة سباحة تعتبر كبيرة ، نسبة لموقع الفندق في وسط المدينة ، هذه البركة كانت فيما مضى اسطبل للخيول التي كان يملكها الامير " بونابرت " ، و تجد خلفه مباشرة قوسا كبيرا ، كانت ممر دخول و خروج الأحصنة . و تمت المحافظة على الكثير من ملامح القصر ، و بالقرب من بركة السباحة يوجد المركز و النادي الصحيين ، و يمتازان بتقديم علاجات " كاريتا " و أقنعة الوجه و علاجات الجسم ، و تعتبر من أهم الماركات العالمية .
- أجمل الأوقات خارج الفندق :
في بعض الأحيان تتمنى لو أنك تمكث في الفندق من دون الحاجة للخروج ، و
ذلك بسبب الرفاهية التي يمنحونك إياها هناك ، و لكن عندما تكون في باريس ، فالأمر
مختلف تماما ، فرغم كل الضيافة التي تتلاقى بالفنادق ، من راحة و استجمام ، و طعام
، و حسن معاملة ، يبقى من الضروري أن تخرج و تتمشى ، و ترى روعة المدينة التي تخلف
أثرا ايجابيا فيك . فإذا كانت زيارتك
قصيرة فأنصحك بالتمشي ، في أزقة و شوارع باريس التاريخية ، لا تخف فلن تتوه فيها ،
فالشوارع واسعة و على شكل مربع و تتقاطع
فيما بينها ، فمن الصعب ، أن تضل طريقك ، لذا ابدأ مشوارك خصوصا بساحة " لينا
" القريبة من الفندق ، ثم أكمل طريقك
نحو النهر على السوق الشعبية و سوق
المأكولات و الزهولر المحيطة بساحة " الما " ، و يمكن تذوق ألذ
المأكولات بما فيها اللبنانية .
و لا بد من زيارة شارع " مونتين " الذي يأتي الناس إليه
للتسوق في محلاته الراقية مثل " شانيل " و " برادا" ، و حتى
إن لم يكن غرضك الشراء ، فأنصحك بالمجيء لرؤية السيدات الأنيقات و هن ينتظرن دورهن
للحصول على بائعة تهتم بمشترياتهن ... و
عندما تتعب عينيك ، أقترح عليك الذهاب إلى ساحة " كونكورد " و حدائق
" تويلوري " الجميلة ، و خذ قسطا كافيا من الراحة . و إن كنت ممن يدمنون
المقاهي ، فلا شك أن قهوة " café le flore " في شارع " سان جيرمان " ستكون
أجمل الجلسات في باريس ، خصوصا بعد تناول كوب من الحليب بالشوكولاتة الذي سينسيك
تعب اليوم بأكمله .
لذا فأنا أنصح كل من لم يعش مغامرة السياحة بهته المدينة التي تخطف
الأنفاس ، فها المقال سيكون دفعة تحفيزية له ، فلا تتردد ، و ابدأ رحلتك
الاستكشافية .