صحراء الداخلة " جميلة الصحاري "

    الداخلة أو شبه جزيرة الداخلة ، هي مدينة تقع بالصحراء الجنوبية بالمملكة المغربية ، تقع على بعد 650 كلم جنوب مدينة العيون ، تعانقها المياه الأطلسية شرقا، و بذلك أصبحت مدينة سياحية ، غنية بالثروة السمكية ، و فيها ثم صنع علم المغرب بمساحة 60 متر مربع ووزن 20 طن ، بمناسبة عيد ميلاد الأمير مولاي الحسن ، و ثم اعتماده في موسوعة غينيتس للأرقام القياسية .
    تعتبر الداخلة بقعة جغرافية فريدة من نوعها ، بمآثرها و عمرانها التاريخيين ، و كرم أهلها و حسن ضيافتهم ، و نسيمها العذب ، و صحرائها الذهبية التي تخطف الأنفاس ، و لكن رغم كل هته الميزات ، فإن قلة مَـنِ الناس قد زاروا هذه البقعة الجغرافية الفريدة و بمن فيهم المغاربة ، و يرجع السبب أن المدينة لا تزال في بداية المشوار ، رغم امتلاكها المقومات السياحية اللازمة ، و قد تكون قد استقطبت أنظار الغربيين قبل غيرهم ، فقد صنفتها صحيفة  " نيويورك تايمز " الأمريكية من بين أفضل الوجهات السياحية العالمية لعام 2012 ، بالإضافة إلى كونها ثاني أكبر مدينة بالصحراء الغربية .و قد اعتبرت أفضل عناوين ممارسة الرياضات المائية مثل ركوب الأمواج و تطيير الطائرات الورقية ، و التزحلق على الماء ، و زوارها يتراوحون بين السياح المغامرين و الزائرين الأبطال العالميين في رياضات مائية ، يأتون للتدرب نسبة إلى مناخها الصحراوي و رياحها شبه الدائمة التي تعتبر مناسبة جدا لهذا النوع من الرياضات .

من فاس إلى الداخلة   

    بدأت الرحلة كالعادة من فاس ، لكن هذه المرة لعبت الامازيغية دورها و ألقت اللهجة السوسية بظلالها منذ اللحظات الأولى لوصولنا أكادير في جو غائم و الرياح تهب ( على غير العادة ) في شوارعها المملوءة بالمقاهي الراقية  ، لذا كان لا بد ان نترك الغيوم رغم روعة و جمال عاصمة سوس ، متشوقين لرؤية الشمس التي تبسط أشعتها على الداخلة على مدار أيام السنة    .

    في الحقيقة لم أكن أعلم ما ينتظرني بالداخلة ، لأني لم ألتق بأحد كان قد زارها من قبل ليزودني بالمعلومات ، كما أن المعلومات المتوفرة على الأنترنيت محدودة .و بعد حوالي 1170 كلم ، نصحنا السائق بفتح ستائر النوافذ للتمتع بمنظر صحراء الداخلة ، سمعت بأن المشهد كان غاية في الروعة لأني كنت و للأسف نائما آنذاك ، لكني كنت واثقا بأن الداخلة لن تبخل علي بجمالها ما إن تطأ قدميً أرضها .     و بعد الخروج من الحافلة ، زال كل تعب السفر ما إن استشعر وجهي نسيم الرياح اللطيف ، و تمتعت عيني بلحاف النساء الصحراويات ( اللحاف : زي تقليدي صحراوي ) و هن يقمن بتحضير الشاي المغربي الصحراوي التي كانت تفوح رائحته في كل الأرجاء في طريق إقامتنا في فندق " باب البحر " . 
 لاحظت الهدوء و النظافة ، و الأبنية الصغيرة البيضاء ، و الشوارع الواسعة ، و الأرض المسطحة بشكل لافت و تحيط بها الرمال من كل الجوانب باستثناء الجهة المطلة على البحر ، فالداخلة التي تعرف أيضا بوادي الذهب ، تعد شبه جزيرة لأن البحر يحيط بها من جنوبها و شرقها و غربها ، أما في الجهة الشمالية فترتبط بالعالم البري ، فتكون النتيجة صحراء جميلة و كثبان رملية تنتظر من يكتشفها .في الداخلة هدوء ملحوظ و أمان ملموس ، فيكفي أن تقوم بجولة مشي في وسط المدينة القريب من مطارها حتى تتعرف على طيبة شعبها  ، و هندستها المعمارية التي لا تزال متأثرة جدا بالنمط الاسباني و كان يطلق عليها في عهد الإسبان:  Villa Cisneros ، وكان يسكنها صيادوا الأسماك نسبة للثروة السمكية التي تشتهر بها الداخلة التي شيدت عام 1884 و لاتزال لغاية اليوم ، و هناك نماذج و أبنية و ساحات تعود لأيام الإسبان  بما فيها كنيسة كاثوليكية تفتح أبوابها أمام المصلين أيام الأحد .

زيارات خاصة :

    و من أجمل الزيارات في الداخلة ، هي زيارة الكثبان البيضاء Dunes Blanches ، فالرحلة إليها من وسط المدينة تستغرق نحو العشرين دقيقة بواسطة السيارات الرباعية الدفع ، تصل بعدها إلى مدخل ذلك القسم من الصحراء ، فتقوم برحلة مشي على الأقدام لنحو النصف ساعة ، فشغفك يكون كبيراً للوصول إلى تلك الكثبان التي تزين الأفق القريب ، و على رمال بيضاء ناعمة كالحرير ، ناشفة أحيانا و مبللة أحيانا أخرى بسبب ولوج مياه الأطلسي إليها ، و ما إن تصل إلى تلك التلة الرملية الرائعة ، و بمجرد وقوفك بالقمة لن تتماسك انفاسك ، و ستقف كثمتال مسمر مسحور بمنظر تلك الصحراء الغريبة ، فتجد بحيرة ضحلة تتباهى بزرقة مياهها و تغازل الرمل الذي تبلل أطرافه . المشهد أكثر من جميل ، فعادة ما يكون منظر البحر و الجلوس على شاطئه من أكثر ما يهدئ الاعصاب فتخيل هنا ، لديك البحر و الصحراء سوية .و بعد الجلوس و التمتع برؤية البحر و الطيور بوقفتها و تحليقها الأنيق ، كان قد حان موعد زيارة واحدة من أهم مزارع المحار في الداخلة و توجد في منطقة " بوطلحة " و يطلق عليها اسم " طلحة مار "  ، و يمكن أن تجد الأقفاص في قعر الماء و فيها الالاف من المحار التي يتم تصديرها إلى الخارج ، ومن الممكن أن تتذوق في المزرعة أجود أنواع المحار على الإطلاق . كما توجد في المزرعة أنواع لا تحصى و لا تعد من أنواع الأسماك التي تستهلك محليا و تصدر أيضا الى الخارج و بعد المحار كان لا بد من أن تتحفنا الداخلة بسر آخر و هو أنها من أكبر مصدري الطماطم إلى أوربا ، فتوجهنا إلى مزرعة ضخمة لزراعة الطماطم في خيم مخصصة تنتج كميات كبيرة و تباع في كل أرجاء أوربا بما فيها المملكة المتحدة ، و الـلافت هو حلاوة مذاقها لدرجة  أنك ستنسى أنك موجود في صحراء قاحلة .

نشاطات رياضية :

    إذا كنت من محبي الرياضات المائية فانت في المكان المناسب ، فتعتبر الداخلة من أفضل الأماكن التي تتماشى مع رياضات يلعب الريح فيها دورا أساسيا مثل التزحلق الشراعي و تطيير الطائرات الورقية بالإضافة إلى صيد الأسماك و التزحلق على الماء و ممارسة هواية " الجيت سكي " . و كل هذه الرياضات متوفرة في منتجع " Dakhla attitude " الصحراوي الذي يضم خيمة ضخمة تقام فيها جلسات شعر و غناء من الثرات الصحراوي الجميل و يقدم أفضل أطباق السمك .و لمحبي الفنون يمكنهم زيارة متحف صحراوي للفنون و مركز للحرف و الفنون في الداخلة . ومن الممكن أيضا زيارة المرفأ الذي يقف شاهدا على حركة السفن و قوارب صيادي الأسماك و يعتبر أهم ميناء في القارة الافريقية .

التسوق :

    توجد في الداخلة سوق شعبية قديمة ، تبيع المنتجات محلية الصنع في محلات صغيرة متراصة جنبا الى جنب ، كما توجد بسطات صغيرة على الأرض تبيع الأقمشة و الملبوسات التقليدية ، من دون أن ننسى محلات بيع مختلف أنواع الشاي و لو أن بعضها " صنع في الصين " و لكن تبقى طريقة تحضير الشاي هي الأهم .

المناخ :

    يتميز المناخ في الداخلة كونه معتدلا و دافئا طيلة أيام السنة ، فتتراوح الحرارة في فصل الشتاء ما بين 16 إلى 24 درجة مئوية ، في حين تكون درجات الحرارة في فصل الصيف ما بين 23 و 32 درجة مئوية ، و هذا ما يعتبر تميزا فريدا بحيث تبقى درجات الحرارة مقبولة و لو في عز أيام الصيف . أما الرياح فهي موجودة دائما أما حرارة مياه البحر فتتراوح ما بين 16 و 23 درجة .

الإقامة

     تنتشر في الداخلة عدة فنادق بمختلف المستويات ، و من أهم عناوين الإقامة :
  • فندق باب البحر 
  • فندق كاليبو صحارى 
  • فندف بوينا فيستا 
  • منتجع Dakhla attitude 
  • داخلة سبيريت 
  • داخلة اكسبيرينس 
  • أوبيرج دي نورماند
  • فندق الراحة 
  • فندق بوغوفا 
  • فندق باليه دي تواريغ

الأكل :

    عندما تكون في الداخلة فلا بد ان تنسى الدجاج و تركز على اكل الأسماك لانك في موطنها الأصلي و يبدع أهالي الداخلة بابتكار خلطات رائعة من الصلصات التي ترافق مختلف أنواع السمك ، فحتى السلطات يدخل في السمك و المحار و السلطعون .و في حال تفضل اللحم الأحمر فما عليك إلا بأكل لحم الجمل ، فهو أشبه بلحم الضأن ، و لكن مذاقه أقوى بعض الشيء .هناك عدة مطاعم في الداخلة نذكر منها
  • · لاسيندا 
  • · فيلا داخلة جوسلين 
  • · كازا لوي 
  • · ديامان دو صحارى 
  • · La maison du thé 
  • · ساماركند


       كان هذا موجا عن أهم التجارب التي خضتها بالداخلة ،  فهي تجربة غير مسبوقة  تستحق قطع كل تلك المسافة إليها ، لذا فنصيحتي لكل من قرأهذا المقال بتجهيز حقائبه ، فإن بإنتظاره رحلة استكشافية مميزة ، ليعيش طعم و حلاوة المغامرة .

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا